الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»
وجعله رطيا ليدل على التدخين الذي هو زيادة في الشر ففيه إيغال حسن وكذا قول الراجز: وقال ابن جرير حمالة الخطايا والذنوب من قولهم فلأن يحطب على ظهره إذا كان يكتسب الآثام والخطايا والظاهر أن الحطب عليه مستعار للخطايا بجامع أن كلًا منها مبدى للاحراق وقيل الحطب جمع حاطب كحارس وحرس أي تحمل الجناة على الجنايات وهو محمل بعيد وقرأ أبو حيوة وابن مقسم سيصلي بضم الياء وفتح الصاد وشد اللام ومريئته بالتصغير والهمز وقرئ ومريته بالتصغير وقلب الهمزة ياء وادغامها وقرأ الحسن وابن اسحق سيصلي بضم الياء وسكون الصاد واختلس حركة الهاء في امرأته أبو عمر وفي رواية وقرى أبو قلابة حاملة الحطب على وزن فاعله مضافًا وقرأ الأكثرون حمالة الخطب بالرفع والإضافة وقرئ حمالة للحطب بالتنوين رفعًا ونصبًا وبلام الجر في الحطب وقوله تعالى:
أي في عنقها حبل مما مسد من الحبال والمراد تصويرها بصور الحطابة التي تحمل الحزمة وتربطها في جيدها تخسيسًا لحالها وتحقيرًا لها لتمتعض من ذلك ويمتعض بعلها إذا كانا في بيت العز والشرف وفي منصب الثروة والجدة ولقد عير بعض الناس الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب بحاله الحطب فقال: وقد أغضبها ذلك فيروى أنها لما سمعت السورة أتت أبا بكر رضي الله تعالى عنه وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد وبيدها فهر، فقالت بلغني أن صاحبك هجاني ولا فعلن وأفعلن وان كان شاعرًا فإنا مثله أقول: وأعمى الله تعالى بصرها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فروي أن أبا بكر قال لها هل ترى معي أحدًا فقالت أتهزأ بي لا أرى غيرك فسكت أبو بكر ومضت وهي تقول قريش تعلم أني بنت سيدها فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام لقد حجبني عنها ملائكة فما رأتني وكفى الله تعالى شرها وقيل إن ذلك ترشيح للمجاز بناء على اعتباره في{حمالة الحطب} [المسد: 4] وفي الكشاف يحتمل أن يكون المعنى تكون في نار جهنم على الصورة التي كانت عليها حين كانت تحمل حزمة الشوك فلا تزال على ظهرها حزمة من حطب النار من شجرة الزقوم أو من الضريع وفي جيدها حبل مما مسد من سلاسل النار كما يعذب كل مجرم بما يجانس حاله في جرمه وعليه فالحبل مستعار للسلسلة وروي هذا عن عروة بن الزبير ومجاهد وسفيان وأمر الاعراب على ما في الكشف انه إن نصب حمالة يكون حالا هو والجملة أعني في جيدها حبل عن المعطوف على ضمير سيصلي أي ستصلي امرأته على هذه الحالة أو يكون حمالة نصبا على الذم والجملة وحدها حالا أو امرأته في جيدها حبل جملة وقعت حالا عن الضمير ويحتمل عطف الجملة على الجملة على ضعف وعلى الرفع يحتمل أن تكون الجملة حالا وإن يكون امرأته عطفًا على الفاعل وحمالة الحطب في جيدها جملة لا محل لها من الإعراب وقعت بيانًا لكيفية صليها أي هي حمالة الحطب انتهى فتأمل ولا تغفل وعلى جميع الأوجه والاحتمالات إنما لم يقل سبحانه في عنقها والمعروف أن يذكر العنق مع الغل ونحوه مما فيه امتهان كما قال تعالى: {في أعناقهم أغلالا} [يس: 8] والجيد مع الحلي كقوله: ولو قال عنقها كان غثا من الكلام قال في الروض الانف لأنه تهكم نحو {فبشرهم بعذاب أليم} [آل عمران: 21] أي لا جيد لها فيحلى ولو كان لكانت حليته هذه ولتحقيرها قيل امرأته ولم يقل زوجه انتهى وهو بديع جدًا إلا أنه يعكر على آخره قوله تعالى: {وامرأته قائمة} [هود: 71] ولعله استعان هاهنا على ما قال بالمقام وعن قتادة انه كان في جيدها قلادة من ودع وفي معناه قول الحسن من خرز وقال ابن المسيب كانت قلادة فاخرة من جوهر وأنها قالت واللات والعزى لانفقتها على عداوة محمد صلى الله عليه وسلم ولعل المراد على هذا أنها تكون في نار جهنم ذات قلادة من حديد ممسود بدل قلادتها التي كانت تقول فيها لأنفقنها إلخ وعلى ما قبله تهجين أمر قلادتها لتأكيد ذمها بالبخل الدال عليه قوله تعالى: {حَمَّالَةَ الحطب} [المسد: 4] على ما نقلناه سابقًا عن قتادة ويحتمل غير ذلك ووجه التعبير بالجيد على ما ذكر مما لا يخفى وزعم بعضهم أن الكلام يحتمل أن يكون دعاء عليها بالخنق بالحبل وهو عن الذهن مناط الثريا نعم ذكر أنها ماتت يوم ماتت مخنوقة بحبل حملت به حزمة حطب لكن هذا لا يستدعي حمل ما ذكر على الدعاء هذا. واستشكل أمر تكليف أبي لهب بالايمان مع قوله تعالى: {سيصلى} إلخ بأنه بعد أن أخبر الله تعالى عنه بأنه سيصلى النار لابد أن يصلاها ولا يصلاها إلا الكافر فالاخبار بذلك يتضمن الاخبار بأنه لا يؤمن أصلًا فمتى كان مكلفًا بالايمان بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ومنه ما ذكر لزم أن يكون مكلفًا بأن يؤمن بأن لا يؤمن أصلًا وهو جمع بين النقيضين خارج عن حد الامكان وأجيب عنه بأن ما كلفه هو الايمان بجميع ما جاء النبي عليه الصلاة والسلام إجمالًا لا الايمان بتفاصيل ما نطق به القرآن الكريم حتى يلزم أن يكلف الايمان بعدم إيمانه المستمر ويقال نحو هذا في الجواب عن تكليف الكافرين المذكورين في قوله تعالى: {قُلْ ياأهل أَيُّهَا الكافرون} [الكافرون: 1] إلخ بالايمان بناء على تعينهم مع قوله تعالى: {وَلاَ أَنتُمْ عابدون مَا أَعْبُدُ} [الكافرون: 3] إلخ بناء على دلالته على استمرار عدم عبادتهم ما يعبد عليه الصلاة والسلام وأجاب بعضهم بأن قوله تعالى: {سيصلى} إلخ ليس نصًا في أنه لا يؤمن أصلًا فإن صلى النار غير مختص بالكفار فيجوز أن يفهم أبو لهب منه أن دخوله النار لفسقه ومعاصيه لا لكفره ولا يجري هذا في الجواب عن تكليف أولئك الكافرين بناء على فهمهم السورة إرادة الاستمرار وأجاب بعض آخر بأن من جاء فيه مثل ذلك وعلم به مكلف بأن يؤمن بما عداه مما جاء به صلى الله عليه وسلم وأجاب الكعبي وأبو الحسين البصري وكذا القاضي عبد الجبار بغير ما ذكر مما رده الإمام وقيل في خصوص هذه الآية أن المعنى سيصلى نارًا ذات لهب ويخلد فيها إن مات ولم يؤمن فليس ذلك مما هو نص في أنه لا يؤمن وما لهذه الأجوبة وما عليها يطلب من مطولات كتب الأصول والكلام واستدل بقوله تعالى: {وامرأته} على صحة أنكحة الكفار والله تعالى أعلم.
انتهى.وقال مكي أصل أحد واحد فأبدلوا الواو همزة فاجتمع ألفان لأن الهمزة تشبه الألف فحذفت إحداهما تخفيفا وفرق ثعلب بين أحد وواحد بأن أحدا لا يبنى عليه العدد ابتداء فلا يقال أحد واثنان كما يقال واحد واثنان ولا يقال رجل أحد كما يقال رجل واحد ولذلك اختص به سبحانه وفرق بعضهم بينهما أيضا بأن الأحد في النفي نص في العموم بخلاف الواحد فإنه محتمل للعموم وغيره فيقال ما في الدار أحد ولا يقال بل اثنان ويجوز أن يقال ما في الدار واحد بل اثنان ونقل عن بعض الحنفية أنه قال في التفرقة بينهما أن في الأحدية لا تحتمل الجزئية والعددية بحال والواحدية تحتملها لأنه يقال مائة واحد وألف واحد ولا يقال مائة أحد إلا ألف أحد وبنى على ذلك مسألة الإمام محمد بن الحسن التي ذكرها في الجامع الكبير إذا كان لرجل أربع نسوة فقال والله لا أقرب واحدة منكن صار موليا منهن جميعا ولم يجز أن يقرب واحدة منهن إلا بكفارة ولو قال والله لا أقرب أحداكن لم يصر موليا إلا من إحداهن والبيان إليه وفرق الخطابي بأن الأحدية لتفرد الذات والواحدية لنفى لمشاركة في الصفات ونقل عن المحققين التفرقة بعكس ذلك ولما لم ينفك في شأنه تعالى أحد الأمرين من الآخر قيل الواحد الأحد في حكم اسم واحد وفسر الأحد هنا ابن عباس وأبو عبيدة كما قال ابن الجوزي بالواحد وأيد بقراءة الأعمش قل هو الله الواحد وفسر بما لا يتجزأ ولا ينقسم.وقال بعض الأجلة: إن الواحد مقول على ما تحته بالتشكيك فالمراد به هنا حيث أطلق المتصف بالواحدية التي لا يمكن أن يكون أزيد منها ولا أكمل فهو ما يكون منزه الذات عن أنحاء التركيب والتعدد خارجا وذهنا وما يستلزم أحدهما كالجسمية والتحيز والمشاركة في الحقيقة وخواصها كوجوب الوجود والقدرة الذاتية والحكمة التامة المقتضية للألوهية وهو مأخوذ من كلام الرئيس أبى على بن سينا في تفسيره السورة الجليلة حيث قال إن أحدا دال على أنه تعالى واحد من جميع الوجوه وأنه لا كثرة هناك أصلا لا كثرة معنوية وهي كثرة المقومات والأجناس والفصول وكثرة الأجزاء الخارجية المتمايزة عقلا كما في المادة والصورة والكثرة الحسية بالقوة أو بالفعل كما في الجسم وذلك يتضمن لكونه سبحانه منزها عن الجنس والفصل والمادة والصورة والأعراض والأبعاض والأعضاء والأشكال والألوان وسائر ما يثلم الوحدة الكاملة والبساطة الحقة اللائقة بكرم وجهه عز وجل عن أن يشبهه شيء أو يساويه سبحانه شيء.وقال ابن عقيل الحنبلي الذي يصح لنا من القول مع إثبات الصفات أنه تعالى واحدا في إلهيته لا غير.وقال غيره من السلفيين كالحافظ ابن رجب هو سبحانه الواحد في إلهيته وربوبيته فلا معبود ولا رب سواه عز وجل واختار بعد وصفه تعالى بما ورد له سبحانه من الصفات أن المراد الواحدية الكاملة وذلك على الوجهين كون الضمير للشأن وكنه للمسئول عنه ولا يصح أن يراد الواحد بالعدد أصلا إذ يخلوا الكلام عليه من الفائدة وذكر بعضهم أن الاسم الجليل يدل على جميع صفات الكمال وهي الصفات الثبوتية ويقال لها صفات الإكرام أيضا والأحد يدل على جميع صفات الجلال وهي الصفات السلبية ويتضمن الكلام على كونهما خبرين الإخبار بكون المسئول عنه متصفا بجميع الصفات الجلالية والكمالية وتعقب بأن إلهية جامعة لجميع ذلك بل كل واحد الأسماء الحسنى كذلك لأن الهوية الإلهية لا يمكن التعبير عنها لجلالتها وعظمتها إلا بأنه هو هو وشرح تلك الهوية بلوازم منها ثبوتية ومنها سلبية واسم الله تعالى متناول لهما جميعا فهو إشارة إلى هويته تعالى والله سبحانه كالتعريف لها فلذا عقب به وكلام الرئيس ينادى بذلك وسنشير إليه إن شاء الله تعالى وقرأ عبد الله وأبي هو الله أحد بغير قل وقد اتفقوا على أنه لابد منها في قل يا أيها الكافرون ولا تجوز في تبت فقيل لعل ذلك لأن سورة الكافرين مشاقة الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم أو موادعته عليه الصلاة والسلام لهم ومثل ذلك يناسب أن يكون من الله تعالى لأن صلى الله تعالى عليه وسلم مأمور بالإنذار والجهاد وسورة تبت معاتبة لأبي لهب والنبي عليه الصلاة والسلام على خلق عظيم وأدب جسيم فلو أمر بذلك لزم مواجهته به وهو عمه صلى الله تعالى عليه وسلم وهذه السورة توحيد وهو يناسب أن يقول به تارة ويؤمر بأن يدعوا إليه أخرى.وقيل في وجه: قل في سورة الكافرون إن فيها ما لا يصح أن يكون من الله تعالى كلا أعبد ما تعبدون فلابد فيها من ذكر قل وفيه نظر لأنه لا يلزم ذكره بهذا اللفظ فافهم.وقال الدواني في وجه ترك قل في تبت لا يبعد أن يقال إن القول بمعاتبة أبى لهب إذا كان من الله تعالى كان أدخل في زجره وتفضيحه.وقيل: فيه رمز إلى أنه لكونه على العلات عمه صلى الله تعالى عليه وسلم لا ينبغي أن يهينه بمثل هذا الكلام إلا الذي خلقه إذ لا يبعد أن يتأذى مسلم من أقاربه لو سبه أحد غيره عز وجل فقد أخرج ابن أبى الدنيا وابن عساكر عن جعفر بن محمد عن أبيه رضي الله تعالى عنهما قال مرت درة ابنة أبى لهب برجل فقال هذه ابنة عدو الله أبى لهب فأقبلت عليه فقالت ذكر الله تعالى أبى بنباهة وشرفه وترك أباك بجهالته ثم ذكرت ذلك النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فخطب فقال لا يؤذين مسلم بكافر ثم إن إثبات قل على قراءة الجمهور في المصحف والتزام قراءتها في هذه السورة ونظائرها مع أنه ليس من دأب المأمور بقل أن يتلفظ في مقام الائتمار إلا بالمقول قال الماتريدي في التأويلات لأن المأمور ليس المخاطب به فقط بل كل أحد ابتلى بما ابتلى به المأمور فاثبت ليبقى على مر الدهور منا على العباد.وقيل: يمكن أن يقال المخاطب بقل نفس التالي كأنه تعالى أعلم به أن كل أحد عند مقام هذا المضمون ينبغي أن يأمر نفسه بالقول به وعدم التجاوز عنه فتأمل والله تعالى الموفق وقوله تعالى: {الله الصمد} مبتدأ وخبر.وقيل: الصمد نعت والخبر ما بعده وليس بشيء.والصمد قال ابن الأنباري لا خلاف بين أهل اللغة أنه السيد الذي ليس فوقه أحد الذي يصمد إليه الناس في حوائجهم وأمورهم.وقال الزجاج هو الذي ينتهي إليه السؤدد ويصمد إليه أي يقصده كل شيء وأنشدوا: وقوله: وعن علي بن أبى طلحة عن ابن عباس أنه قال: هو السيد الذي قد كمل في سؤدده والشريف الذي قد كمل في شرفه والعظيم الذي قد كمل في عظمته والحليم الذي قد كمل في حلمه والعليم الذي قد كمل في علمه والحكيم الذي قد كمل في حكمته وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد وعن أبى وعن أبى هريرة هو المستغنى عن كل أحد المحتاج أليه كل أحد وعن ابن جبير هو الكامل في جميع صفاته وأفعاله وعن الربيع هو الذي لا تعتريه الآفات وعن مقاتل بن حيان هو الذي لا عيب فيه وعن قتادة هو الباقي بعد خلقه ونحوه قول معمر هو الدائم وقول مرة الهمداني هو الذي لا يبلى ولا يفنى وعنه أيضا هو الذي يحكم ما يريد ويفعل ما يشاء لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه.وأخرج ابن جرير وابن أبى حاتم عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال لا أعلمه إلا قد رفعه قال الصمد الذي لا جوف له وروى عن الحسن ومجاهد ومنه قوله شهاب: وعن أبى عبد الرحمن السلمي عن ابن مسعود قال الصمد الذي ليس له أحشاء وهو رواية عن ابن عباس وعن عكرمة هو الذي لا يطعم وفي لرواية أخرى الذي لم يخرج منه شيء وعن الشعبي هو الذي لا يأكل ولا يشرب وعن طائفة منهم أبى بن كعب والربيع بن أنس أنه الذي لم يلد ولم يولد كأنهم جعلوا ما بعده تفسير الله والمعول عليه تفسيرا بالسيد الذي يصمد إليه الخلق في الحوائج والمطالب وتفسيره بالذي لا جوف له وما عداهما إما راجع إليهما أو هو مما لا تساعد عليه اللغة وجعل معنى كونه تعالى سيد أنه مبدأ الكل وفي معناه تفسيره بالغنى المطلق المحتاج إليه ما سواه وقال: يحتمل أن يكون كلا المعنيين مرادا فيكون وصفا له تعالى بمجموع السلب والإيجاب وهو ظاهر في جواز استعمال المشترك في كلا معنييه كما ذهب إليه الشافعي والذي اختار تفسيره بالسيد الذي يصمد إليه الخلق وهو فعل بمعنى مفعول من صمد بمعنى قصد فيتعدى بنفسه وباللام وإطلاق الصمد بمعنى السيد عليه تعالى مما لا خوف فيه وإن كان في إطلاق السيد نفسه خلاف والصحيح إطلاقه عليه عز وجل كما في الحديث السيد الله.وقال السهيلي: لا يطلق عليه تعالى مضافا فلا يقال سيد الملائكة والناس مثلا وقصد الخلق إياه تعالى بالحوائج أعم من القصد الطبيعي والقصد بحسب الاستعداد الأصلي الثابت لجميع الماهيات إذ هي كلها متوجهة أي المبدأ تعالى في طلب كمالاتها منه عز وجل وتعريفه دون أحد قيل لعلمهم بصمديته تعالى دون أحديته وتعقب بأنه لا يخلو عن كدر لأن علم المخاطب بمضمون الخبر لا يقتضى تعريفه بل أنما يقتضى أن لا يلقى إليه إلا بعد تنزيله منزلة الجاهل لأن إفادة لازم فائدة الخبر بمعزل عن هذا المقام فالأولى أن يقال إن التعريف لإفادة الحصر كقولك زيد الرجل ولا حاجة إليه في الجملة السابقة بناء على أن مفهوم أحد المنزه عن أنحاء التركيب والتعدد مطلقا إلى آخر ما تقدم مع أنهم لا يعرفون أحديته تعالى ولا يعترفون بها وأعترض بأنه يقتضى أن الخبر إذا كان معلوما للمخاطب لا يخبر به إلا بتنزيله منزلة الجاهل أو إفادته لازم الخبر أو إذا قصد الحصر وهو ينافى ما تقرر في المعنى من أن كون المبتدأ والخبر معلومين لا ينافى كون الكلام مفيدا للسامع فائدة مجهولة لأن ما يستفيده السامع من الكلام هو أنتساب أحدهما للآخر وكونه هو هو فيجوز أن يقال هنا إنهم يعرفونه تعالى بوجه ما ويعرفون معنى المقصود سواء كان هو الله سبحانه أو غيره عندهم ولكن لا يعرفون أنه هو سواء كان بمعنى الفرد الكامل أو لجنس فعينه الله تعالى لهم.وقيل: إن أحد في غير النفي والعدد لا يطلق على يره تعالى فلم يحتج إلى تعريفه بخلاف الصمد فإنه جاء في كلامهم إطلاقه على غيره عز وجل أي كما في البيتين السابقين فلذا عرف وتكرار الاسم الجليل دون الإتيان بالضمير قيل للإشعار بأن من لم يتصف بالصمدية لم يستحق الألوهية وذلك على ما صرح به الدواني مأخوذ من إفادة تعريف الجزأين الحصر فإذا قلت السلطان العادل أشعر بأن لم يتصف بالعدل لم يستحق السلطنة.وقيل ذلك تعليق الصمد بالله يشعر بعلية الألوهية للصمدية بناء على أنه في الأصل صفة وإذا كانت الصمدية نتيجة الألوهية لم يستحق الألوهية من لم يتصف بها وبحث فيه بأن الألوهية فيما يظهر للصمدية لأنه إنما يعبد لكونه محتاجا إليه دون العكس إلا أن يقال المراد بالألوهية مبدأها وما ترتب عليه لا كونه معبودا بالفعل وإنما لم يكتف بمسند إليه واحد لأحد والصمد هو الاسم الجليل بأن يقال الله الأحد الصمد للتنبه على أن كلا من الوصفين مستقل في تعيين الذات وترك العطف في الجملة المذكورة لأنها كالدليل عليه فإن من كان غنيا لذاته محتاجا إليه جميع ما سواه لا يكون إلا واحد أو ما سواه لا يكون إلا ممكنا محتاجا إليه أو لأنها كالنتيجة لذلك بناء على أن الأحدية تستلزم الصمدية والغنى المطلق وبالجملة هذه الجملة من وجه تشيه الدليل ومن وجه تشبيه النتيجة فهي مستأنفة أو مؤكدة وقرأ أبان بن عثمان وزيد بن على ونصر بن عاصم وابن سيرين والحسن وابن أبى إسحاق وأبو السمال وأبو عمر وفي رواية يونس ومحبوب والأصمعي واللؤلؤي وعبيد أحد الله بحذف لتنوين لالتقائه مع لام التعريف وه موجود في كلام العرب وأكثر ما يوجد في الشعر كقول أبي الأسود الدؤلي: وقول الآخر: والجيد هو التنوين وكسره لالتقاء الساكنين وقوله تعالى: {لم يلد} إلخ على نحو ما سبق ونفى ذلك عنه تعالى لأن الولادة تقتضى انفصال مادة منه سبحانه وذلك يقتضى التركيب المنافي للصمدية والأحدية أو لأن الولد من جنس أبه ولا يجانسه سبحانه تعالى أحد لأنه سبحانه واجب وغيره ممكن لأن الولد على ما قيل يطلبه العاقل إما لإعانته أو ليخلفه بعده وهو سبحانه دائم باق غير محتاج إلى شيء من ذلك والاقتصار على الماضي دون أن يقال لن يلد لوروده ردا على من قال أن الملائكة بنات الله سبحانه أو المسيح ابن الله تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ويجوز أن يكون المراد استمرار النفي وعبر الماضي لمشاكلة قوله تعالى: {لم يلد} وهو لابد أن يكون بصيغة الماضي ونفى المولودية عنه سبحانه لاقتضائها المادة فيلزم التركيب المنافي للغنى المطلق والأحدية الحقيقية أو لاقتضائها سيق العدم ولو بالذات أو لاقتضائها المجانسة المستحيلة وقدم نفى الولادة لأنه إلههم لأن طائفة من الكفار توهموا خلافه بخلاف نفى المولودية أو لكثرة متوهمي خلاف الأول دون خلاف الثاني بناء على أن النصارى يلزمهم بواسطة دعوى الاتحاد القول بالولادة والمولودية فيمن يعتقدونه إلها وذلك على ما تضمنته كتبهم أنهم يقولون إن الآب هو الأقنوم الأول من الثالوث والابن هو الثاني الصادر منه صدوره أزليا مساويا بالأزلية وروح القدس هو الثالث الصادر عنهما كذلك والطبيعة الإلهية واحدة وهي لكل من الثلاثة وكل منها متحد معها ومع ذلك هم ثلاثة جواهر لا جوهر واحد فالآب ليس هو الابن والابن ليس هو الآب وروح القدس ليس هو الآب ولا الابن وهما ليسا روح القدس ومع ذا هم إله واحد إذ لهم لاهوت واحدة وطبيعة واحدة وجوهر واحد وكل منهم متحد مع اللاهوت وإن كان بينهم تمايز والأول هو الوجود الواجب الجوهري والثاني هو العقل الجوهري ويقال له العلم والثالث هو الإدارة الجوهرية ويقال لها المحبة فالله ثلاثة أقانيم جوهرية وهي على تمايزها تمايزا حقيقيا وقد يطلقون عليه إضافيا أي بإضافة بعضها إلى بعض جوهر وطبيعة واحدة هو الله وليس يوجد فيه غيره بل كل ما هو داخل فيه عين ذاته ويقولون إن فيه تعالى عما يقولون أربع إضافات أولاها فاعلية التعقيل في الأقنوم الأول ثانيتها مفعولية التعقل في الأقنوم الثاني الذي هو صورة عقل الأب ثالثتها فاعلية الانبثاق في الأقنوم الأول والثاني اللذين لهما الإرادة رابعتها مفعولية هذا الانبثاق في الأقنوم الثالث الذي هو حب الإرادة الإلهية التي للأقنوم الأول والثاني وزعموا أن التعبير الفاعلية والمفعولية في الأقانيم الإلهية على سبيل التوسع وليست الفاعلية في الآب نحو الابن إلا الأبوة وفيه وفي الابن نحو روح القدس ليست إلا بدء صدوره منهما وليست المفعولية في الابن وروح القدس إلا البنوة في الابن والانبثاق في الروح ويقولون كل ذلك مما يجب الإيمان به وإن كان فوق الطور البشرى ويزعمون أن لتلك الأقانيم أسماء تلقوها من الحواريين فالأقنوم الأول في الطبع الإلهي يدعى أبا والثاني أبنا وكلمة وحكمة ونورا وضياء وشعاعا والثالث روح القدس ومغريا وهو معنى قولهم باليونانية أراكليط وقالوا في بيان وجه الإطلاق إن ذلك لأن الأقنوم الأول بمنزلة ينبوع ومبدأ أعطى الأقنوم الثاني الصادر عنه بفعل يقتضى شبه فاعله وه فعل العقل طبيعته وجوهره كله حتى أن الأقنوم الثاني الذي هو في صورة الأول الجوهرية الإلهية مساو له كمال المساواة وحد الإيلاد هو صدوره حي من حي بآلة ومبدأ مقارن يقتضى شبه طبيعته وهنا كذلك بل أبلغ لأن الثاني للطبيعة الإلهية نفسها فلا بدع إذا سمى الأول أبا والثاني ابنا وإنما قيل للثاني كلمة لأن الإيلاد ليس على نحو إيلاد الحيوان والنبات بل يفعل العقل أي يتصور الأب لاهوته وفهمه ذاته ولا شك أن تلك الصورة كلمة لأنها مفهومية العقل ونطقه.وقيل: لها حكمة كان مولود من الآب بفعل عقله الإلهي الذي هو حكمة.وقيل: له نور وشعاع وضياء لأنه حيث كان حكمة كان به معرفة حقائق الأشياء وانكشافها كالمذكورات.وقيل: للثلث روح القدس لأنه صادر من الآب والابن بفعل الإرادة التي هي واحدة للآب والابن ومنبثق منهما بفعل هو كهيجان الإرادة بالحب نحو محبوبها فهو حب الله والله هو نفسه الروح الصرف والتقدس عينه ولكل من الأول والثاني وجه لأن يدعى روحا لمكان الاتحاد لكن لما دعي الأول باسم يدل على رتبته وإضافته إلى الثاني والثاني كذلك اختص الثلث بالاسم المشاع ولم يدع ابنا وإن كان له طبيعة الآب وجوهره كالابن لأنه لم يصدر من الآب بفعل يقتضى شبه فاعله يعنى بفعل العقل بل صدر منه فعل الإرادة فالثاني من الأول كهابيل من آدم والثلث كحواء منه والكل حقيقة واحدة لكن يقال لهابيل ابن ولا يقال لها بنت.وقيل: له مغزى لأنه كان عتيدا لأن يأتي الحواريين فيغريهم لفقد المسيح عليه السلام وأما الفعلية والمفعولية فلأنهما غير موجودين حقيقة والأبوة والبنوة هاهنا لا تقتضيها كما في المحدثات ولذا لا يقال هنا للآب علة وسبب لابنه وإن قيل هناك فالثلاثة متساوية في الجوهر والذات واستحقاق العبادة والفضل من كل وجه ثم أنهم زعموا تجسد الأقنوم الثاني وهو الكلمة واتحاده بأشرف أجزاء البتول من الدم بقوة روح القدس فكان المسيح عليه السلام المركب من الناسوت والكلمة والكلمة مع اتحادها لم تخرج عن بساطتها ولم تتغير لأنها الحد الذي ينتهي إليه الاتحاد فلا مانع في جهتها من الاتحاد وكذا لا مانع من جهة الناسوت منه فلا يتعاصى الله تعالى شيء زعموا أنه المسيح عليه السلام كان إلها تاما وإنسانا تاما ذات طبيعتين ومشيئتين قائمتين بأقنوم إلهي وهو أقنوم الكلمة ومن ثم تحمل عليه الصفات الإلهية والبشرية معا لكن من حيثيتين ثم إنهم أزادوا في الطنبور رنة وقالوا إن المسيح أطعم يوما الحواريين خبزا وسقاهم خمرا فقال أكلتم لحمى وشربتم دمي فاتحدتم معي وأنا متحد مع الآب إلى رنات أخر هي أشهر من أن تذكر ويعلم مما ذكرنا أنه لا فرق عندهم بين أن يقال أن الله تعالى هو المسيح وبين أن يقال أن المسيح هو أبنه وبين أن يقال إن سبحانه ثالث ثلاثة ولذا جاء في التنزيل كل من هذه الأقوال منسوبا إليهم ولا حاجة إلى جعل كل قول لقوم كما قال غير واحد من المفسرين والمتكلمين ثم لا يخفى منافاة ما ذكروه للأحدية والصمدية وقولهم إن الأقانيم مع كونها ثلاث جواهر متمايزة تمايزا حقيقيا جوهر واحد لبداهة بطلانه لا يسمن ولا يغنى وما يذكونه من المثال لإيضاح ذلك فهو عن الإيضاح بمعزل وبعيد عن المقصود بألف ألف منزل وكنا ذكرنا في ضمن هذا الكتاب ما يتعلق ببعض عقائدهم مع رده إلا أنه كان قبل النظر في كتبهم وقد اعتمدنا فيه ما ذكره المتكلمون عنهم واليوم لنا عزم على تأليف رسالة تتضمن تحرير اعتقاداتهم في الواجب تعالى وذكر شبههم العقلية والنقلية التي يستندون إليها ويعولون في التثليث عليها حينما وقفنا عليه في كتبهم مع ردها على أكمل وجه إن شاء الله تعالى ونسأل الله تعالى التوفيق لذلك وأن يسلك سبحانه بنا في جميع أمورنا أقوم المسالك فهو سبحانه الجواد الأجود الذي لم يجبه من توجه إليه بالرد ولم يكن له كفوا أحد أي لم يكافئه أحد ولم يماثله ولم يشاكله من صاحبة وغيرها.وقيل: هو نفى للكفاءة المعتبرة بين الأزواج وهو كما ترى وله صلة كفوا على ما ذهب إليه المبرد وغيره والأصل أن يؤخر إلا أنه قدم للاهتمام لأن المقصود نفى الكفاءة عن ذاته عز وجل وللاهتمام أيضا قدم الخبر مع ما فيه من رعاية الفواصل قيل أن الظرف هنا وإن لم يكن خيرا مبطلا سقوطه معنى الكلام لأنك لو قلت لم يكن كفوا أحد لم يكن له معنى فلما احتيج إليه صار بمنزلة الخبر فحسن ذلك.وقال أبو حيان: كلام سيبويه في الظرف الذي يصلح أن يكون خبرا وهو الظرف التام وما هنا ليس كذلك.وقال ابن الحاجب: قدم الظرف للفواصل ورعايتها ولم يقدم على أحد لئلا يفصل بين المبتدأ وخبره وفيه نظر ظاهر وجوز أن يكون الظرف حالا من أحد قدم عليه رعاية للفاصلة ولئلا يلتبس بالصفة أو الصلة وأن يكون خبرا ليكن ويكون كفوا حالا من الضمير في الظرف الوقع خبرا وهذا الوجه نقله أبو على في الحجة عن بعض النحاة ورد بأنه كما سمعت آنفا عن أبى حيان ظرف ناقص لا يصح أن يكون خيرا فإن قدر له متعلق خاص وهو مماثل ونحوه مما تم به الفائدة يكون كفوا زائدا ولعل وقوع الجمل الثلاث متعاطفة دون ما عداها من هذه السورة لأنها سيقت لمعنى وغرض واحد وهو نفى المماثلة.والمناسبة عنه تعالى بوجه من الوجوه وما تضمنته أقسامها لأن المماثل إما ولد أو والد أو نظير غيرهما فلتغاير الأقسام واجتماعها في المقسم لزم العطف فيها بالواو كما هو مقتضى قواعد المعنى.وفي كفوا لغات ضم الكاف وكسرها وفتحها مع سكون الكاف مع ضم الفاء وقرأ حمزة ويعقوب ونافع في رواية كفوا بالهمز والتخفيف وحفص بالحركة وإبدال الهمزة واوا وباقي السبعة بالحركة مهموزا وسهل الهمزة الأعرج وأبو جعفر وشيبة في رواية وفي أخرى عنه كفى من غير همز نقل حركة الهمزة إلى الفاء وحذف الهمزة وقرأ سليمان بن علي عن عبد الله بن عباس كفاء بكسر الكاف وفتح الفاء والمد كما في قول النابغة: أي لا مثل له كما قال الأعلم وهذه السورة الجليلة قد انطوت مع تقارب قطرها على أشتات المعارف الإلهية والعقائد الإسلامية ولذا جاء فيها ما جاء من الأخبار وورد ما ورد من الأخبار ودل على معنى تحقيق الإلهية الصمدية التي معناها وجوب الوجود أو المبدئية لوجود كل ما عداه من الموجودات تم عقب ذلك ببيان أنه لا يتولد عنه غيره لأنه غير متولد عن غيره وبين أنه تعالى وإن كان إلها لجميع الموجودات فياضا للوجود عليها فلا يجوز أن يفيض الوجود على مثله كما لو يكن وجوده من غيره ثم عقب ذلك ببيان أنه ليس في الوجود ما يساويه في قوة الوجود فمن أول السورة إلى الصمد في ماهيته تعالى ولوازم ماهيته ووحدة حقيقته وانه غير مركب أصلا ومن قوله تعالى: {لم يلد} إلى: {أحد} في بيان أنه ليس ما يساويه من نوعه ولا من جنسه لا بأن يكوون سبحانه متولدا عنه ولا بأن يكون موازى في الوجود وبهذا المبلغ يحصل تمام معرفة ذاته عز وجل. انتهى.وأشار فيه إلى أن ولم يولد كالتعليل لما قبله وكأن قد قال قبل أن كل ما كان ماديا أو كان له علاقة بالمادة يكون متولدا من غيره فيصير تقدير الكلام لم يلد لأنه لم يتولد والإشارة إلى دليله بهو أول السورة فإنه لما لم يكن له ماهية واعتبار سوى أنه لذاته وجب أن لا يكون متولدا عن غيره وإلا لكانت هويته مستفادة من غيره فلا يكون هو لذاته وظاهر العطف يقتضى عدم اعتبار ما أشار إليه من العلية وقد علمت فيما سبق وجه ذكره وجعل بعضهم العطف فيه قريبا من عطف لا يستقدمون على لا يستأخرون وأشار بعض السلف إلى أن ذكر ذلك لأنه جاء في سبب النزول أنهم سألوا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عن ربه سبحانه من أي شيء أمن كذا أم من كذا وممن ورث الدنيا ولمن يورثها.وقال الإمام: إنه هو الله أحد ثلاثة ألفاظ وكل واحد منها إشارة إلى مقام من مقامات الطالبين فالمقام الأول مقام المقربين وهو أعلى مقامات السائرين إلى الله تعالى وهؤلاء نظروا بعيون عقولهم إلى ما هيأت الأشياء وحقائقها من حيث هي فما رأوا موجودا سوى الحق لأنه الذي يجب وجوده لذاته وما عداه ممكن لذاته فهو من حيث ذاته ليس فقالوا هو إشارة إلى الحق إذ ليس هناك في نظرهم يرجع إليه سواه عز وجل ليحتاج إلى التمييز والمقام الثاني لأصحاب اليمين هؤلاء شاهدوه الحق سبحانه موجودا وكذا شاهدوا الخلق فحصلت كثرة في الموجودات في نظرهم فلم يكن هو كافيا في الإشارة إلى الحق بل لابد من مميز فاحتاجوا إلى يقرنوا لفظة الله بلفظ فقيل لأجلهم هو الله والمقام الثالث هو مقام أصحاب الشمال الذين أن يكون واجب الوجود أكثر من واحد والإله كذلك فجيء بأحد ردا عليهم وإبطالا لمقالتهم. انتهى.وبعض الصوفية عد لفظة هو من أعداد الأسماء الحسنى بل قال إن هاء الغيبة هي اسمه تعالى الحقيقي لدلالته على الهوية المطلقة مع كونه من ضروريات التنفس الذي به بقاء حياة النفس وإشعار رسمه بالإحاطة ومرتبته من العدد إلى دوامه وعدم فنائه ونقل الدواني عن الإمام أنه قال علمني بعض المشايخ يا هو يا من هو يا من لا إله هو وعلى ذلك اعتقاد أكثر المشايخ اليوم ولم يرد ذلك في الأخبار المقبولة عن المحدثين والله تعالى أعلم.
|